الرأيمدارات - فيصل الباقر

الرحيل ….. جيدن جيتى ….أبقى قدام !! *

الرحيل ….. جيدن جيتى ….أبقى قدام  !! *

فيصل الباقر

“البدايات دائماً مغلقة و النهايات مفتوحة “!!.  عبارة ملهمة ، بل ساحرة . قالها أحد  المبدعين السابقين، فأصبحت مثلاً،يجترحه  بعض البعض من القوم اللاحقين ،  و ظلت مشرقة على مر السنين ،و محتفظة ببهائها و ألقها .

داهمتنى  أمثولة ” البدايات” ذات مساء ” فاشرى ” جميل، لحظة إستلامى دعوة تدشين العدد الإلكترونى الأول من العزيزة الغالية      ( الرحيل) .و الموعد المضروب للإحتفاء ، و مساء الخميس الموافق 5/4/2007.

كانت عواطف إسحاق – رئيسة التحرير- قد حدثتنى و آخرين ،ذات مساء سبق ، بحلمها فى أن ترى (الجريدة) ، محلقة فى الأثير الإلكترونى ، بعد تجربة الصمود النبيل على جذع شجرة اللالوب ، فى ذلك الحى الشعبى البسيط  فى فاشر السلطان . يومها قلت فى نفسى، “لا بد أن هذه الشابة ممسوسة بداء الصحافة ” . و هو داء لو تعلمون نبيل .و تساءلت –فى نفسى أيضاً- ترى كم سيكون حظ هذه المغامرة من النجاح و التمكين ؟ !.

هاهو الحلم يمضى فى اتجاه أن يتحقق .وهاهى  (الرحيل) تبحر فى  الفضاء الإلكترونى العريض  . و هذا يعنى الإنتشار و سرعته ،  و اتساع دائرة التواصل مع الآخر، و الذى كان إلى وقت قريب – أى الآخر- يمضى نحو الرحيل،تسوقه قدماه نحو شجرتها الوريفة الظلال و الأحلام و الآمال ،ليقضى بعض الوقت طوعاً و اختياراً،قريبا  أو بعيد أن يدلف للحياة و مشاويرها ، و قد طالع صحيفته المجانية ، قبل وصول ما تيسر من صحف المركز باهظة التكاليف.

هاهى الرحيل تنضم ، من الآن فصاعداً، إلى عائلة الصحف الإلكترونية . و هذا يتطلب المزيد من التجويد، و الإستعداد لفتح أبواب ” قد تجيب الريح”، و لن ينفع مع ذلك الوصفة البالية ” أن تسده لتستريح” !. فريح الأثير صرصر عاتية ، يصعب إغلاق أبوابها ، فى عصر السطوة الإلكترونية الساحرة و الظافرة .

الرحيل تدخل –اليوم- عصرها الجديد، دونما استئذان من أحد ، سوى مراعاة  الضمير المهني ، و الانحياز التام و الشامل للحقيقة و الناس  . و لربما  تركت خلفها – أو هكذا أظن – صعوبات الجبال، و عليها أن تدرك أنه ما زال أمامها  اجتياز صعوبات السهول ، بل و صعوبات الإبحار في لجج الفضاء. كل هذا يتطلب أن تجدد عزمها على مواصلة الرحيل ، وفق شروط حرية التعبير و الصحافة . وهى شروط مطلوبة ، لتحقيق الغرض من الكتابة و التعبير. و من باب  المناصرة مع تجربة  الرحيل، أدخل هذا البحر من منظور حقوق الإنسان . وأشرك الرحيل و قراءها فى التعرف ،بل ،  الغوص –

” لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ، ويشمل هذا الحق  حريته في  إعتناق الآراء دون مضايقة  ، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها الي الآخرين ، بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود ”

وجاءت المادة (19) من العهد الدولي  للحقوق المدنية والسياسية (1966) لتقرأ :

(( 1/ لكل إنسان حق في اعتناق أراء دون مضايقة .

2/ لكل إنسان حق في حرية التعبير . ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلي آخرين دونما اعتبار للحدود  ، سواء علي شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخري يختارها.

3/ تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة (2) من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة . وعلي ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة ان تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية :

أ‌-          لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم .

ب‌-        لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة .))

وللمزيد من الوضوح حول كفالة حق التعبير جاءت المادة (20 ) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لتقرأ :

1-         تحظر بالقانون أي دعاية للحرب .

2-         تحظر بالقانون أي دعوة إلي الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية ، تشكل تحريضاً علي التمييز أو العداوة أو العنف .

و لمصلحة القراء الأعزاء ، أجد أنه من الواجب ، تأكيد أن القيود التى تتحدث عنها هذه المادة ، تشترط أن يتم ذلك وفق شروط المجتمع الديمقراطي ، وحتماً فى الدولة الديمقراطية . و هذا ما لزم التنويه له ، فى هذه العجالة . وقد جاءت المادة (20) لتؤكد المحظورات . و من هنا نبدأ الإحتفاء بالرحيل . و نقول على مذهب أهل دارفور فى الترحيب : ” جيدن جيت …. أبقى قدام “. و أكاد أجزم أنها قد ردت : ” يجود حالك ” . شكرأ جزيلاً ، للرحيل و لكل أصدقاء و صديقات الحرف و الكلم .و معاً فى الطريق الذى اخترناه .

أصدق الأمنيات للرحيل بمواصلة المشوار . و أكتساب المزيد من الخبرات و التجارب . و معاً فى طريق الصحافة الملتزمة هموم الناس و قضاياهم. و تحية صادقة ، لكل من جعل ذلك ممكناً . و إلى الأمام .

فيصل الباقر

الفاشر – 05 أبريل 2007

  • كُتب هذا المقال ونُشر قبل تسع سنوات، إحتفاءاً بتجرية صحيفة اليكترونية إقليمية هى ( الرحيل) نشأت وترعرعت فى منطقة نزاع بمدينة الفاشر ( دارفور)، وقد رأيت أن أعيد نشر- المقال- بعد كل هذه السنوات، وفى البال ضرورة وجود صحافة “محلية/إقليمية /قومية ” تعنى بقضايا وهموم المجتمعات المحلية، و تنظر للصحافة من منظور حرية التعبير وحقوق الإنسان.

فيصل الباقر

faisal.elbagir@gmail.com

www.sudansreporters.net

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى