الرأيتقارير

ماذا عن الحق فى الحياة بلا تحرش ؟ هاجس التحرش بالفتيات في المواصلات واقع مرير يتوجّب مواجهته

ماذا عن الحق فى الحياة بلا تحرش ؟

هاجس التحرش بالفتيات في المواصلات واقع مرير يتوجّب مواجهته

د.بلسم فريد

قضية التحرش الجنسي في المواصلات العامة أصبحت من القضايا التي تهم مجتمعنا السوداني الذي يرى البعض منه أن الحديث في مثل هذه الموضوعات قلة أدب، ولأنّ دور الصحافة هو طرح القضايا التي تهم المجتمع، وللمطالبة بأبسط حقوق الإنسان، فإننا نتحدث اليوم عن هذه القضية.

أصبح التحرش بالفتيات الشابات والنساء المتزوجات من كل الأعمار في المواصلات واقع لا مفر منه، وهو واقع مرير، وقد أصبح هاجسًا يتملك الإناث في البلاد.

وعن أسباب تفشي ظاهرة التحرش تقول سهير أحمد:  الباحثة الاجتماعية والنفسية أن أسباب تفشي ظاهرة التحرش الجنسي في المواصلات ترجع إلى نقص تام للمتحرشين في التربية السليمة، إلى جانب مرورهم بفترة مراهقة غير سوية بالإضافة إلى أن عامل البطالة يدفع المتحرشين إلى التفكير في مثل هذه الأفعال، وتضيف سهير أحمد قائلة : لا بد من طرح مادة علمية في المدارس خاصة بالتحرش حيث تتضمن تلك المادة منهجًا مبنيًّا على أسس علمية صحيحة يدرس للبنين والبنات، وذلك بهدف إنشاء جيل سليم وواعٍ لما يحدث في المجتمع من تحرش سواء للفتيات أو الأطفال.

تقول ضحى أحمد: التي تبدو على ملامحها علامات الغضب للأسف إختفت صفة المروءة والأخلاق الكريمة في الرجل السوداني،  حيث أصبحت الآن احمل هم المواصلات من الصباح إلى أخر الدوام،  واحرص دومًا على أن اجلس في المقاعد الفردية حتى وإن كانت عاكسة لأشعة الشمس الحارقة، وحينما يحاول رجل أن يتحرش بي وأن يحتك بي بحجه أنّ مقاعد النص ضيقة، أبادر على الفور بتغيير مكاني .

من جهتها تقول زينب: والتي ترتدي النقاب انه بالرغم من نقابها إلا أنها تتعرض إلى التحرش في المواصلات، فالتحرش لا علاقة له بلبس الفتاة، وان مسألة الحشمة مبرر لا معنى له، وأضافت زينب أنها بعد محاولة التحرش الثالثة التي تعرضت لها قررت أن لا تستخدم المواصلات إلا في حاله جلوسها قرب فتاة،لأنّها لاحظت أنّه حتى  بعض كبار السن من الرجال يقومون بعملية التحرش بالفتيات دون مراعاة إلى سنهم .

أما سارة عوض تطالب عبر  ( سودانس ريبورترس) بإنشاء جمعيات ومنظمات حقوقية وذلك للحفاظ على حقوق الأنثى وكرامتها من التحرش ومُعاقبة الأيدي العابثة، وأن لا تكون تلك المنظمات لمجرد الاسم فقط، بل يكون لها دور فعال في الدفاع عن ضحايا التحرش الجنسى وفى القضاء على تلك الظاهرة.

طيف أحمد تروي قصه التحرش التي تعرضت لها حينما حاول شيخ كبير في السن التحرش بها في المواصلات حيث كانت تجلس في المقاعد الفردية التي تكون ملاصقة للنافذة، ومن دون مقدمات شعرت بيد تلامس صدرها… في البداية اعتقدت أنها أوهام  لان حركة اليد كانت سريعة ولم تستطع أن تتأكد، ولكن حينما أمعنت النظر إلى المقعد الخلفي المباشر لها  وجدت رجل كبير في السن في عمر والدها وإذا لم تكن تبالغ في عمر جدها فتبادر إلى ذهنها أنها تتوهم بسبب عامل السن، لكن الأمر المفاجئ أن الحركة تكررت وإنتبهت إلى  يد المتحرش.

دموع تنهمر على عين طيف وهي تصف لحظه تيقنها بالتحرش، حيث كان أول رد فعل لها صفعة على وجه المتحرش،  و ما لم يكن في الحسبان تم إتهامها من قبل الجاني بالكذب بحجة عامل السن وإفتعالها ذلك لكسب بعض المال مقابل عدم إبلاغ الشرطة.

و لأننا نعيش في مجتمع ذكوري، للأسف تم تكذيبها وإتهامها بقله الحياء والاحترام من قِبل الركاب ومطالبة الكمساري بإرجاع نقودها وطردها من الحافلة.

الأستاذة لمياء الجيلي الصحفية الحرة والناشطة في مجال حقوق الإنسان تقول لـ(سودانس ريبورترس) :” لا يوجد قانون في السودان يعاقب التحرش حتى الآن بشكل رادع بعكس الدول الأخرى، وبالرغم من التوصيات التي قدمت في الإستعراض الدوري الشامل عام 2011 /م من عده دول للسودان والتي كان أبرزها إنشاء قانون لحماية العنف ضد النساء بالإضافة إلى إنشاء منظمات تقدم الدعم النفسي والقانوني والإستشاري للمرأة وتهتم بالتوعية وكسر حاجز الصمت عند المجني عليها إلا أن التحرك تجاه حماية المرأة في السودان ضعيف جدًا، فالمجتمع الذكورى في السودان يُسيطر على المرأة ويعتبرها محل إشتباه، وسبب رئيسي في وقوع جريمة التحرش”.

وتناشد الجيلي بأهمية دعم النساء والتوعية السليمة تجاه جريمة التحرش وكيفية مواجهه هذه الجريمة البشعة، بدلًا من الجهود الشخصية التي تبادر بها النساء، مثل طعن المتحرش بالدبوس أو رش رذاذ الفلفل الحار، إذ لا بد من توعية النساء بطريقة علمية حديثة عبر منظمات حقوق المرأة وتهيئة المرأة نفسيًا واجتماعيًا، لمواجهة التحرُّش والمتحرشيى، وأن يكون عمل هذه المنظمات الخاصة بحماية المرأة على مدار العام وليس موسميًا فقط.

د.بلسم فريد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى