الرأي

احذروا دموع التماسيح

يعولون على الحل العسكري، لأنه الطريق الوحيد الذي سيعيدهم للسلطة

 

احذروا دموع التماسيح

يعولون على الحل العسكري، لأنه الطريق الوحيد الذي سيعيدهم للسلطة

كتب: قرشي عوض

يتخذ دعاة إستمرار القتال من حقيقة  الإنتهاكات التي تعرض لها المواطنون منذ إشتعال هذه الحرب الملعونة  مبرراً للدعوة لإستمرارها ؛ بدلا من المطالبة بوقفها كمدخل لمحاسبة المجرمين وتحقيق العدالة، مما يثير شكوكاً حول تعاطفهم مع الضحايا، لأن إستمرار الحرب في ظل توازن القوة العسكري القلق الحالي، يشير بوضوح إلى أن لا أحد من الطرفين  في مقدورهِ تحقيق إنتصار كاسح؛ ويعني – هذا – ببساطة تعرض المزيد من المدنيين لإنتهاكات قد تكون أفظع من سابقاتها،  لأن الحياة المدنية في المدن غير المستباحة سوف تخضع للتقييد وفق الأحكام العرفية، كأبسط إجراء تقوم به الإستخبارات العسكرية التي تعتقل بالشُبهة  في ظل غياب الشرطة وأجهزة العدالة، غير أن هذا الوضع أفضل حالاً من سيادة قانون الغاب الذي تخضع له المناطق التي يحتلها الدعم السريع أو الطرقات التي يقيم فيها إرتكازاته.

ومن يقفون  مع الحرب  يصورون من ينادون بوقفها، وكأنهم مساندون للدعم السريع، ولاتهمهم الفظائع التي إرتكبتها  تلك القوات في مختلف مسارح القتال، مع غض الطرف عن أن المطلوب في هذه اللحظة هو وقف الانتهاكات التي تُرتكب. وحتى كتابة هذه السطور، فإنّ استمرار الحرب لايشكل البيئة المناسبة لمعرفة الانتهاكات على وجه الدقة، والوصول الي الجناة الحقيقين والمتمترسين خلف أسلحتهم، وهم على استعداد لقتل المزيد. ولإحقاق الحق، ومحاسبة الجناة – حقا – لابد أن ينتهي هذا الوضع من خلال الجهود الدولية والإقليمية المبذولة حالياً في منبر جدة والإيغاد، وتأسيس وضع إنتقالي ديمقراطي،  تتوفر فيه أجهزة العدالة بشقيها الجنائي والإنتقالي. وعلى الرغم من نصاعة هذه الحجة إلا أن الجهات التي تسعر القتال وتسهر على تحميس “نقارة الحرابة” تصر على  خلط الأوراق وتصوير الحل التفاوضي، وكأنه يحاول توفير  مخرج للدعم السريع  لينجو بفعلته تلك..

الغريب في أمر هؤلاء المتباكين على قتل المواطنين وإستباحة منازلهم  وهتك أعراضهم، أنهم ينظرون إلى الجرائم التي إرتكبها الطرف الآخر بإعتبارها نوعاً من الحسم العسكري الضروري، مع أن طلعات الطيران قضت على منازل المواطنين، ودمّرت البنيات التحتية وقتلت الأبرياء وهم يمشون في الشوارع والأسواق، وهي ممارسات لم تجد الشجب والإدانة ممن يتحدثون عن ضرورة خروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين ومن الأعيان المدنية، وهذا، منطق غريب، لأن العدالة لا تتجزاء.

لكن، دموع التماسيح التي يزرفها دعاة الحرب لا تنطلي على أحد.. فهم يعولون على الحل العسكري، لأنه الطريق الوحيد الذي سيعيدهم للسلطة، ويمكنهم من تصفية حساباتهم مع قوى الثورة التي أسقطت حكمهم، بعد تأسيس نظام ديكتاتوري،  يصعد فيه ضباطهم في القوات المسلحة إلى سدة الحكم، لأنهم يعلمون جيداً، أنهم غير  مرحب بهم في كل منابر التفاوض الحالية، بل أن طرفي التفاوض في منبر جدة وفي الجلسة الأخيرة كانوا قد اتفقوا على ما أسموه “إجراءات بناء الثقة” التي تشمل ضرورة إعادة قيادات النظام السابق، إلى السجون، إثر هروبهم منها، بعد أن إنفرط عقد الأمن في الخرطوم بسبب الحرب،  فانطلقوا يؤججون النيران في أنحاء البلاد المختلفة، من خلال تفويج المُستنفرين من كتائب الظل التي سبق للقيادي الإسلامي علي عثمان أن توعد بها الثوار من قبل. أذن، هم يدركون تماماً أن نهاية الحرب عبر التفاوض، تعني عودتهم إلى قفص الإتهام، في حين أن إنتصار الجيش سيحملهم إلى سدة الحكم. وشتان بين حالٍ، وآخر، لامجال فيهما للإختيار !.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى