مؤتمرات إعادة اختراع العجلة : منفيون : نعم … مغتربون : لا !.
مؤتمرات إعادة اختراع العجلة : منفيون : نعم … مغتربون : لا !.
مواصلة لمسلسل إقامة ” المؤتمرات “، الطويل، والقديم، و الذى يُعاد انتاجه، و بصورة نمطية، مرّات ومرّات، هاهى (الإنقاذ) موديل 2017، تحاول أن تعرض – نفس – بضاعتها القديمة، ولكن، بتغليفٍ جديد، وكأنّها تنسى، أو تتناسى، أو تريد لذاكرة الشعب – الخضراء دوماً – أن تنسى، ما فعلته (الإنقاذ ) نسخة 1989، بشعبنا، طيلة سنوات عهد (( التمكين)) و” ما أدراكما التمكين”، وما فعلته ( الإنقاذ ) بمواطنين – لا رعايا- أجبرت سياساتها وممارساتها غالبيتهم على مغادرة الوطن، فى لحظات تاريخية حاسمة، للـ(منافى) القريبة و/ أو / ثم البعيدة، وذلك بسبب سياسات دولة (الإنقاذ)، و” مشروعها الحضارى”، وبرنامجها الفكرى والسياسى، وممارسات أجهزتها الأمنية القمعية ( مطاردة واعتقال وتعذيب) و( فصل سياسى وتعسفى من الخدمة ) و ( محاربة فى الأرزاق) وإشعار بالدونية، وتمييز سالب، ضد كل من قال ( لا ) للإنقلاب على الديمقراطية، و/ أو ( لا ) لتدمير الخدمة المدنية، و / أو ( لا ) لتحطيم التعليم، واحتقار العلماء، و/ أو ( لا ) للتمييز ضد المواطنين، على أساس العرق، والدين، والولاء للتنظيم والنظام السياسى، بدلاً عن المواطنة والكفاءة .. وجميعها حقائق موثقة، ومازال أغلب ضحاياها – نساء ورجال – أحياء، ” عند ربّهم يرزقون”، و يذكرون عذاباتهم، ومعاناتهم، قبل الخروج للمنافى، و مازالوا ينتظرون الإنصاف ورد الإعتبار، وعلى الأقل ” إعتراف ” الجناة، بجرائمهم، و ” الإعتذار”، بلغةٍ واضحة، بدلاً عن محاولات الإلتفاف على الحقائق، وتشويهها، وإدّعاء البراءة، والإصرار على تسمية ( المنفيين)، مرّةً ( مغتربين) ومرات أُخرى ( مهاجرين ).
هاهى الخرطوم تشهد حدثين طارئين، أُطلق على الأوّل ((مؤتمر رؤساء الجاليات السودانية بالخارج للعام 2017))، والذى ينعقد فى الفترة من 20- 23 فبراير، تحت شعار (( المغتربون .. تاريخ مشرّف و عطاء مستمر ))، أمّا الحدث الثانى، فقد أُطلق عليه (( مؤتمر الخبراء والعلماء السودانيين بالخارج )) ومن المقرر عقده فى الفترة من 25- 27 فبراير الجارى، وقد سبق الحدثين، الحديث ” المعسول” المنقول عن الرئيس البشير فى افتتاح السفارة السودانية بإبى ظبى، يوم الإثنين الماضى ، والذى جاء فيه : ” واشاد رئيس الجمهورية بأعضاء الجالية السودانية، وأعلن عن قيام (( مفوضية المغتربين )) لترعى جميع حقوقهم…وتعمل على صون حقوقهم والمحافظة عليها “.
هكذا، وبين عشيةٍ وضحاها، وفجأة، تغيّرت، وتبدّلت ملامح لغة ” خطاب الكراهية ” والتخاطب العنيف مع ” المنفيين”، فهاهى الإنقاذ و” جهاز مغتربيها ” و بعد أكثر من عقدين من الزمان، يُحاولون الحديث – عشية انعقاد مؤتمرات مسرح العبث- بلغة جديدة، فيحذّرون ” الدولة ” من مغبة استمرار التعامل القديم مع ” المغتربين ” و ينصحونها بعدم اعتبار هذه الشريحة المجتمعية الهامة ” بقرة حلوبة “، و هاهم يبشروننا بسياسات ” تشجيعية ” جديدة، ويعدوننا بممارسات ” ضريبية ” فريدة، ويظنون أن ” المنفيين ” أغنياء وأغبياء، وهاهم يتحدّثون عن تعظيم وإجلال واحترام ( العلماء و الخبراء)، ناسين أو متناسين، أنّ سلوك ( الإنقاذ ) معهم – كان ومازال- احتقارهم، وإذلالهم، و تهميشهم، والإساءة لماضيهم وحاضرهم، وأنّ كل ذلك، هو المسئول عن ” هجرتهم “، والسبب فى مغادرتهم الوطن.
لعباقرة صناعة ” مؤتمرات الإنقاذ ” دعونا نقول، وبإختصار: إنّ ذاكرة ( المنفيين )، ( لا المغتربين) لا تنسى، كما أنّ ذاكرة ( العلماء والخبراء )، لا تنسى أبداً، وأنّ ذاكرة شعبنا العظيم، ستبقى – دوماً وأبداً – خضراء، لا- ولن- تنسى… فلماذا كل هذا الجهد الضائع، فى إعادة اختراع العجلة، يا هؤلاء ؟!… تُرى عن أىّ ” رؤساء جاليات ” و عن أىّ ” عُلماء وخبراء ” يتحدثون ؟!.
فيصل الباقر