الرأي

استفتاء دارفور وزعم البشير

استفتاء دارفور وزعم البشير

حسن اسحق

قام عمر البشير بزيارات الى كل ولايات دارفور ليبشر المجتمع الدولى ببشارة في غاية من الزيف والكذب الحكومي ان دارفور استعادت عافيتها وتنعم – الآن- فى أمن وإستقرار، ولم يابه بزيارة واحدة لكل معسكرات النزوح في الاقليم الدارفوري ، كان الهدف واضحا من بدايته ، هو التمهيد للاستفتاء الذي بدا يوم الاثنين الحادى عشر من ابريل الحالى وينتهى فى الثالث عشر من نفس الشهر ، ويقول فى حوار اجرته معه اذاعة البى بى سي انه قضي علي التمرد فى جبل مرة يعنى حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد احمد النور الذي رفض الجلوس للتفاوض مع حكومة المؤتمر الوطني منذ اتفاقية ابوجا التى مر عليها عقد من الزمن ، ويضيف مابقى من حركات دارفور باتت تقاتل كمرتزقة فى ليبيا ، وهذا قول خطير جدا ، وتبرير غير موضوعى ، الحكومة الليبية منذ فترة تصرح ان الخرطوم تقدم دعما لوجستيا للحركة الاسلامية التى لا يعترف بها المجتمع الدولى ..

ان الاستفتاء الاداري فى دارفور حتما سيحدد وضعية الاقليم الادارية ، اما ان تبقي (دارفور) بشكلها الحالي كولايات او تعود كاقليم كما كانت في السابق ، ويتمسك نظام البشير ان الاستفتاء جزء من اتفاقية الدوحة وكأن الدوحة تناولت فقط الاستفتاء وحده ، دون استكمال العملية السلمية وعودة النازحين الى مناطقهم الاصلية والتعويضات الفردية والجماعية وحل اشكاليات الاراضى (الحواكير) التى استوطنها وافدون جُدد من خارج السودان ، وكيف يكون الاستفتاء ناجحا ،وكل جراحات الحرب لم تعالج ، رغم تدفق ” حركات ” موقعة للسلام لا تعرف الى اين تتجه ، وحتي النظام لا يعترف بها إلّا من أجل المتاجرة السياسية وخداع المجتمع الدولى والاقليمي ..انظروا ان حركات دارفور كل يوم تنشطر وتنقسم وهي ليست موحدة علي راي واحد ، كيف لها تفاوض الحكومة ؟ الجميع يدرك من يشتري أفراد لا يهمهم إلّا المناصب ، ومن وقعوا الدوحة قبل الانتخابات الاخيرة انشطروا الى فريقين، وقد أصبح  كل منهما يسيء الى الآخر ” الرفقاء السابقين ” عندما وقعوا الدوحة .

إن استفتاء دارفور سيزيد الجراحات الموجودة التي لم تعالج حتي الان ، وسيعكس الاستفتاء وجها قبليا ، ويجعل كل مُكوِّن ينكفيء علي نفسه ، وربما يعادي من يجاوره ، بسبب الحصص الناتجة من استفتاء دارفور المزعوم ، ومن أول بوادر الاحتجاج علي ذلك خروج نازحي معسكر كلمة رفضا لزيارة البشير الي دارفور ،وفي أول يوم خرج طلاب جامعة الفاشر احتجاجا علي قيام الاستفتاء في يومه الاول ، وبررت الحكومة لهذا الخروج علي انه احتجاج متعلق بالاوضاع داخل الجامعة وليس له علاقة بالاستفتاء البتة، وهذا الزعم ليس صحيحاً، مائة بالمائة. ان رفض زيارة البشير فى معسكرات النزوح هو دليل علي ان الاغلبية النازحة رافضة لزيارته للاقليم الغربي ، ورغم أنّه استطاع ان يحشد مجموعات يدعمون زيارته المشبوهة ومعروفة النوايا مسبقا ، فإنّ الحقيقة تبقى رفض الزيارة .. وكيف لمجموعات شُردت من قُراها ومراتع صباها بأمر من البشير أن تُرحب به علي هذا الشكل المزيف ؟!.

الخطوة القادمة ، ستذهب بالاقليم الدارفوري الي واجهة من المواجهات الجديدة بين المكونات – كما قلت – لم تندمل جراحاتها بعد ، وستُعقّد وضعية الإدارة للحكم على أساس قبلي وإثني ، في وقت مضي شهدت ولاية شرق دارفور التي صعنها البشير نفسه صراع قبلي دموي ، والحكومة لم تستفي اهل دارفور ، عندما أنشات ولايتى (وسط دارفور) و (شرق دارفور) ، ولماذا لا تطالب مكونات اثنية اخري بولايات لها علي نفس المنطق ؟..أختم بالقول:  ان الاستفتاء الإدارى المزعوم سيجلب مزيدا من الفوضي علي الفوضي الموجودة اصلا .

حسن اسحق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى