الرأي

شبح اغتصاب الأطفال بالسودان لا يزال طليقًا

شبح إغتصاب الأطفال بالسودان لا يزال طليقًا

د.بلسم فريد

مما لا شك فيه أن مرحلة الطفولة هي من أهم مراحل تكوين الإنسان و بها يكتسب شعوره نحو الآخرين وتأثيره بمن حوله من المجتمع، كصحفية وقارئة ينتابني الخوف وعدم الارتياح عند قراءة تلك الأخبار الخاصة بإغتصاب الأطفال في السودان، فقد كثرت مثل هذه الحوادث الغريبة على المجتمع السوداني في الآونة الأخيرة خاصةً في العاصمة الخرطوم،  فلست أدري هل هي ظاهرة جديدة شاذة تطل علينا لتزيد من مآسينا الكثيرة وليتسع بذلك هاجس إنعدام الأمان والإطمئنان اللذان يسيطران على بلادنا؟ وكيف تطمئن نفوس الآباء والأمهات وهم في غفلة وعدم حيطة وحذر خاصةً من بعد حادثة الطفلة مرام التي إغتصبت وقتلت والقي بجسدها البريء في دورة المياه في السنوات الماضية؟ حيث توالت بعدها على مدار السنوات قضايا مماثلة

بالطبع ظاهرة التحرش بالأطفال والإغتصاب كثرت وزادت في السودان حتى وصلت نسبتها 19.7% بنسبة 18.2%للبنات ونسبة 21.8% للأولاد حسب إحصائيات جمعيات حقوق المرأة والطفل،  فالمتابع لتاريخ ظاهرة الإعتداءت يجد أنها تطورت في بداية القرن الحالي، وبدأت نوعية خطيرة من أنواع التحرش بالأطفال من خطف وإعتداء وقتل،  إذ لم تكن الظاهرة في السودان وحده، بل على مستوى الوطن العربي مما أدى إلى إصدار قانون حماية الطفل الذي أصدرته جمعية الأمم المتحدة.

إن حماية الأطفال علم جديد يجب أن يدرس في الجامعات، ومفهوم حماية الأطفال هو حماية الأطفال من كافة أنواع العنف والإساءة والإستغلال والإهمال، لذلك أؤكد وأشدد على أن عقوبة الإغتصاب لابد أن تكون مشدّدة، و لا بد من وجود  قيادة حملة قومية ترفع الوعي لحماية الأطفال وكيفية إكتشاف الإعتداء على الأطفال

فقد كشف نشطاء بالسودان مؤخرًا، عن وجود عديد من حالات التحرش والإغتصاب للأطفال داخل عربات ترحيل طلاب المدارس  ورياض الأطفال، والتي على أثر ذكرها تم إعتقال المتحدث الرسمي باسم جمعية حماية المستهلك دكتور ياسر مرغني، الذي يستضيف كل سبت في مركز حماية المستهلك بالخرطوم ندوات لتوعية المجتمع،  والتي صادفت في يوم ناقشت موضوع إغتصاب الأطفال، الأمر الذي أدى إلى إعتقال دكتور مرغني، لعدم وجود أدله على حديثة، ومحاولة منه لإثارة الرعب وزعزعة الأمن حسب بيان جهاز الأمن والمخابرات السوداني.

من ناحية أخرى تجدر الإشارة إلى أن عدد لا بأس به من الأمهات قد تقدمن بفتح بلاغات في هذا الموضوع بينما تسترت بعض الأسر علي تلك الظاهرة، فالحالات المعلن بالمحاكم عنها في العامين الأخيرين، قد بلغت (2293) حالة، غير المسكت عنها وان (70%) من حالات التحرش بالأطفال يقوم بها الأقارب، ومن الحالات التي تم الإعلان عنها  إغتصاب (50) طالبة في خلوة بالباقير، وإغتصاب (26) طالبًا بمدرسة في الخرطوم بحري من قبل أستاذ بالمدرسة.  

الإغتصاب كفعل من حيث هو ينم عن سلوك شخص غير سوي، وله الكثير من التداعيات النفسية والبدنية  ويبقى وبصراحة وجود هذه الجريمة خصوصًا ضد الأطفال أمر يندي له الجبين، ولا أعتقد بوجود من لا يعرف أثارها النفسية وإنعكاساتها الخطيرة على مستقبل الأطفال.

أما من ناحية الحكومة السودانية فهي تتحرك في هذا الشأن بشكل بطئ جدًا وغير مفهوم،  لكن هناك بوادر أمل غير ظاهرة للعيان، ولأن الإعتراف بالمشكلة بداية لحلها، فقد كشفت مسئولة وحدة العنف ضد المرأة في البرلمان السوداني عطيات مصطفى في تصريح رسمي عبر وسائل الإعلام، عن تلقي وحدتها لتقارير تتحدث عن إنتشار واسع لإغتصاب الأولاد بإحدى مناطق ولاية الخرطوم، وأوضحت أنه بعد تفقد المنطقة تأكدوا من صحة ما وردهم من تقارير بشأن الإغتصابات بالمنطقة التي لم تسمها، وقالت: تأكدنا من صحة ما وردنا ونحن الآن بصدد البحث عن الأسباب والمعالجات.  

من ناحية قانونية التحرش بالأطفال، بما فى ذلك غغتصابهم/ن يندرج تحت مواد القانون الجنائي لعام 1991 /م، بالسودان تحت تعريف مادة 149 بأن يعد مرتكبًا لجريمة الإغتصاب، من يواقع شخصًا زنا أو لواطًا دون رضاه، ومن يرتكب جريمة الإغتصاب يعاقب بالجلد مائة جلدة وبالسجن مدة لا تجاوز عشر سنوات، ما لم يشكل الاغتصاب جريمة الزنا أو اللواط المعاقب عليها بالإعدام، وحينها لم يفرد للطفل أي حيز خاص بالقوانين.

 ولكن جاء بعد ذلك جاء قانون الطفل عام 2010 /م متداركًا لذلك تهميش جريمة التحرش بالأطفال، وأعتبر كل مواقعة تقع على طفل سواء كانت برضاه أم لا تعد إغتصابًا وشدد في عقوبتهما لتصبح إعدامًا أو عشرين سنة سجن.

 مازال شبح إغتصاب الأطفال طليقاً، وهذا يتطلّب المزيد من الجهود على كافّة الأصعدة،وفى مقدمتها الجهود المجتمعية، للجم هذا الشبح الخ\ير الذى يُدمّر حياة الأطفال ومستقبلهم، ويُعطّل طاقات المجتمع بأكمله.  

د.بلسم فريد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى