الرأي

أوضاع الصحافة السودانية : الخرطوم عاصمة القمع الصحفى

حسن اسحق* 

المتابع للصحافة السودانية منذ بداية عام 2015 يري أنها تمر بمنعطف في غاية الخطورة ، الطريق المؤدي الي هذا المنطعف الخطير الشديد الذي يقف بسد منيع علي حرية التعبير في بلادي ، هو قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي كرسه الحزب الحاكم لاقصاء الكلمة الصادقة والحرة في الصحف اليومية التي تصدر من الخرطوم ، وهي تعتبر العاصمة الوحيدة في 2015 التي تقمع الكلمة التي تجهر بالحق ، وهذا في حد ذاته مؤشر خطير علي تقدم العمل في عهد حكومة اخوان الاسلام .

من القيود الأكثر تعقيدا علي الاصلاح في هذه الفترة العصية ، كما ذكرت، قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي غير مهمته الموجودة في دستور 2005 من جمع المعلومات وتحليلها ثم تقديمها إلي الجهات ذات الإختصاص ، تحول إلي فارس غير شرعي إلي حماية الحزب الحاكم في الخرطوم، كل ما يختص بمهنية الصحافة من حق الحصول إلي المعلومات وغيرها،  بات كلاما فارغا ، هذا الجهاز تدخل في العمل الصحفي الورقي، وحتي الإعلام الاسفيري لم يسلم من هجماته ..
عندما غضب عمر البشير الحاكم الفعلي باسم الشرعية المزعومة ، قال بصريح العبارة ، وهي لها مدلولها ، حتي الصحفيين الذين كانوا مع النظام ، باتوا يكتبون ضده ، لم تمر أيام حتي صودرت صحيفة التيار ، وبعدها صدر قرار شفاهي بايقافها إلي أجلٍ غير مسمّي ، بسبب كتابته مقالاً انتقد فيه سياسة الحكومة الإقتصادية في عام 2015، واُستدعي عثمان ميرغني للتحقيق معه في مكتب جهاز الامن في الخرطوم ، وكذلك يوسف التاي من صحيفة الصيحة ، رغم انها أقرب إلي الحزب الحاكم ، هذا يؤكد أن حزب عمر البشير بعيد كل البعد عن قبول الآراء المختلفة، هو يريد آراء تخدم خطه السياسي فقط ، عبر سياط جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي يحدد ما يُكتب وما لا يُكتب في الصحف الورقية الصادرة من الخرطوم ، عاصمة القمع الصحفي في عام 2015.

إن الأمر لا يتوقف علي مصادرة الصحف بعد الطبع ، بل يصل إلي حد تقديم الصحفيات والصحفيين إلي المحاكم ، في قضايا قد تصل عُقوبتها إلي الإعدام أو السجن مدي الحياة ، وهذه في ذاتها تمثل كارثة وعقبة أمام الصحافة السودانية ، ويريد النظام رغم حججه الواهية في الحوار الوطني بين مكونات القوي السياسية التي تتصارع معه ، أن يوهم الجميع أن حرية التعبير حق مكفول للجميع ، لكن السياسة علي الأرض وفى الواقع المُعاش يومياً، تشير إلي كارثة علي الصحافة ، يريد بكري حسن صالح الذراع الأيمن للبشير أن يضلل العالم بقوله المزعوم والمردود اليه ، إن حصول الصحفيين علي (جوايز) دليل علي حرية التعبير في السودان ..
الحقيقة علي الأرض مثل المصادرة والاستدعاء المتكرر ضد الصحفيين ينسف هذه الفكرة من أساسها ، ماذا سنتوقع في عام 2016 ؟ الإجابة، لن يكون هنالك جديدا ، سيستمر الأمن في تدخله فى الصحافة السودانية ، ولن يكون هناك حل فعلي إلّا بذهاب النظام، وحتي بذهابه، هل سنتوقع من القادمين الجدد الإلتزام بالحق في التعبير الحر الصادق؟.
* صحفي وناشط سوداني 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى