السودانتقاريرتقاريرسلايدر

 العودة من الصفر … حرب السودان إلى أين؟؟؟!!!… 

الإقتصاد السوداني كان علي حافة الهاوية، لكن، الحرب قضت عليه تماماً !.

 العودة من الصفر … حرب السودان إلى أين؟؟؟!!!… 

 

الإقتصاد السوداني كان علي حافة الهاوية، لكن، الحرب قضت عليه تماماً !.

 

تقرير: حسين سعد – خاص (سودانس ريبورترس) – 29 أبريل 2025

 

تعكس الصور ومقاطع الفيدوهات التي تنشر علي مواقع التواصل الإجتماعي حجم الدمار الذي لحق بالإقتصاد السوداني، بعد مرور عامين علي حرب منتصف أبريل الكارثية،  التي مزقت البلاد، وعصفت بالبنيات الإقتصادية، ومزّقت العلاقات الإجتماعية ، وخلفت خراباً طال كل شي… هذا الدمار طال أيضاً المشاريع الزراعية، والصناعية، وكما نُهبت الأسواق بالمدن الرئيسية المتأثرة بالحرب، وفقد التجار ممتلكاتهم، ومدخرات السنين التي إستبقت الحرب، وفي ذات الإتجاه، أشار خبراء من أهل الإقتصاد إلي تدمير (80%) من البنيات التحتية للقطاع الصناعي في السودان، فضلاً عن الخسائر التي لحقت بالمواطنيين وممتلكاتهم، وتناقُص المساحات الزراعية، بعد مرور عامين علي حرب السودان، بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، فى العاصمة الخرطوم، وتراجعها تدريجياً من وسط البلاد والعاصمة الخرطوم… أشار  عدد من المواطنين الذين عادوا إلي ولاية الجزيرة مؤخراً في حديثهم مع (سودانس ريبورتس)، الي عودة الحياة  بشكل تدريجي إلي الخرطوم، وتراجع بسيط فى أسعار السلع الإستهلاكية، لكن، هنالك حالات إنفلات أمني، وإستمرار فى تذبذب التيار الكهربائي، ونقص الخدمات الصحية والتعليمية المطلوبة… ذات الحال ينطبق علي مواطني الجزيرة التى عادت إلي مدنهم، وقراها الكهرباء، وبعض أقسام الشرطة، وعودة تدريجية للأسواق، لكن، القاسم المشترك بين مواطني الجزيرة والخرطوم، وبعض المناطق المتأثرة بالنزاع، هو إنهم عادوا الي الحياة للإنطلاق من نقطة الصفر، بعد أن فقدوا ممتلكاتهم، ومدخراتهم، ومصادر دخلهم، في ظل ارتفاع معدلات الفقر والعطالة، وتمدد المجاعة التي أشارت لها تقارير الأمم المتحدة، والمنظمات العالمية.

نقص الخدمات:

وبحسب خبراء إقتصاد فإن الحرب تسببت في تدمير نحو 20% من الرصيد الرأسمالي للاقتصاد السوداني، كما أدت إلى تآكل أكثر من نصف الناتج القومي الإجمالي البالغ متوسطه السنوي نحو 33 مليار دولار، فضلاً عن إمتداد الصراع إلى مدن تجارية حيوية وإقتصادية وتجارية، ومعاناة أكثر من (60%) من المناطق السودانية، من شح كبير في إمدادات الكهرباء والمياه وخدمات الاتصالات، بعد أن دمرت المعارك منشآت وشبكات حيوية..  وشهدت العملة المحلية تدهوراً فى قيمتها الشرائية بشكل غير مسبوق، إذ يُتداول الدولار الأميركي – حالياً – بحوالي (2700) جنيه سوداني، مقارنة بـمبلغ (600) جنيه فقط قُبيل اندلاع الحرب.

 وفي دراسة حديثة، قدّر الخبير الاقتصادي عادل عبد العزيز، إجمالي خسائر القطاعات الاقتصادية خلال عامين من الحرب بنحو 108.8 مليارات دولار، موضحاً أن الخسائر غير المباشرة الناجمة عن توقف دورة المال، قد تكون أكبر بكثير من هذا الرقم، وتوضِّح الدراسة أن قطاع الطيران والمطارات تكبّد خسائر تقدر بنحو (3) مليارات دولار، بينما خسر قطاع البنية التحتية العامة، بما في ذلك الوزارات، الجامعات، المتاحف، وطرق الولايات، قرابة (10) مليارات دولار، فيما تُقدّر الخسائر في قطاع الكهرباء والمياه والطاقة بنحو (10) مليارات دولار، وفي القطاع التجاري والسياحة والفنادق بـنحو (15) مليار دولار.

لا إصلاح في ظل الحرب:

ويقول الإقتصادي كمال كرار، في حديثه لـ(سودانس ريبورتس) إن الإقتصاد السوداني كان علي حافة الهاوية، لكن الحرب قضت عليه تماماً، كما تناقصت المساحات الزراعية، بشكل واضح في المشاريع الزراعية المروية بالري المطري والإنسيابي، ولفت كرار إلى أن المساحات الزراعية في مشروع الجزيرة والمناقل تناقصت إلى نسبة (6%) في الجزيرة، التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، قبل استعادتها  من قبل القوات المسلحة، ونسبة (13%) في المناقل التي تقع تحت سيطرة القوات المسلحة. وأوضح كمال أن الحرب أثّرت علي مناطق الإنتاج، وأضرت بالمنتجين، الذين تحولوا إلى نازحين ولاجئين، وقطع كرار بعدم وجود إصلاحات للوضع الإقتصادي، في ظل إستمرار الحرب.

خسائر فادحة:

من جهتها قالت الخبيرة الاقتصادية وأستاذة الإقتصاد في الجامعات السودانية، د. بخيتة محمد عثمان في حديثها لـ(سودانس ريبورترس) إنّ الحرب، أثرت بشكل كبير علي البنيات الاقتصادية بالبلاد… وقدرت بخيتة نسبة الخسائر بحوالي (600) مليار دولار، وأضافت، هذه الخسائر شكّلت ضربات موجعة علي الإقتصاد، وتسببت فى تراجع الإيرادات العامة إلي نسبة (85%) وإرتفاع نسبة الفقر الي أكثر من (90%) وتوقف أكثر من ألف مُنشأة إقتصادية، وتدمير (3493) مصنع في الخرطوم ، وفقدان معظم الأسر السودانية لدخولهم، مُضافاً إلى الأثر التدميري الهائل لسوق العمل والتجارة والصناعة والزراعة، كل هذه العوامل ساهمت في أذية القطاعات الاقتصادية التي لم تسلم أيضا من ضربات المواجهات العسكرية المتتالية، مما جعل القطاع الصناعي من أكثر القطاعات التي طالها التدمير، الأمر الذي دفع وزارة التجارة لإستيراد سلع إستهلاكية كان يمكن للسودان الإكتفاء منها محليّاً كالدقيق والسكر واللبن، فضلا توقف عدد من المسالخ، أبرزها مسلخ الكدرو، مما أدى إلى انخفاض صادر اللحوم المذبوحة من(101,79) مليون دولار إلى (2,3) مليون دولار فقط بنسبة (97%,7) وإنخفاض صادر زيت السمسم من (16,09) مليون دولار في العام 2024 إلى (1,98) مليون دولار لهذا العام بنسبة (88%) ، وكذلك إنخفضت صادرات السودان بنسبة (60%) ، بسبب تأثير الحرب على طُرق النقل والمطارات والموانئ، الذي أعاق تدفق وإنسياب الصادرات، إضافة إلى نشاط التهريب إلى دول الجوار وتدهور البنية التحتية الداخلية، وانقطاع إمداد السلع إلى السوق المحلي، وأضافت الاستاذة الجامعية بالقول: كل هذه الأسباب مجتمعة، وغيرها، ستُفقِد صادرات السودان قدرتها التنافسية، في الأسواق العالمية، على المدى البعيد، لأن الدول المستوردة، لن تقف مكتوفة الأيدي، تنتظر توقف حرب السودان العبثية، بل حتما ستبحث عن أسواق بديلة.

تضرر الزراعة:

وحول للقطاع الزراعي، قالت د. بخيتة:  “إن الحرب أدت إلى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي، ونقص حاد في الموارد الطبيعية، فالتدمير المقصود للقطاع ساهم في خراب مراكز البحوث الزراعية، وإتلاف مستودعات الأصول الوراثية، للعديد من الأصناف، خاصة الحبوب الغذائية”، وكذلك، نُهبت ودُمِّرت البنية التحتية الزراعية، من أنظمة الري والقنوات ومخازن الحبوب، وإرتفعت أسعار مدخلات الإنتاج، كأسعار الوقود التي زادت بنسبة (500%) عن العام 2023، فهجر غالبية السكان والأسر الزراعية، الزراعة، وتراجعت المساحات المزروعة… وعموما قدرت خسائر القطاع بنحو (20)  مليار دولار، وتعطل كذلك قطاع النفط في مناطق إنتاجه بولايتي غرب وجنوب كردفان، كما أصاب مصفاة الجيلي شمالي الخرطوم الدمار، وأيضا، توقف نقل بترول (الجنوب السوداني)، عبر الشمال السوداني…أما قطاع التعليم بشقيه، عام وعالي، فقد بلغت تكلفته التقديرية (26) مليار دولار، حيث أُغلقت المدارس، وأصبح 17 مليون طفل، خارج مقاعد الدراسة، وفقاً للإحصاءات العالمية، ولم يتقاض المعلمون رواتبهم، بانتظام، فيما أصبحت غالبية مباني المدارس  ملاجئ طوارئ، ومعسكرات نزوح، في المناطق الآمنة.

 وبالنسبة للقطاع المصرفي، فقد تآكلت موجودات البنوك السودانية، التي قُدِّرت بما يقارب (50) تريليون جنيه، مما أدى ببعض البنوك لاتخاذ إجراءات قاسية، مثل تخفيض أعداد العمالة بها، أو منحها إجازات بدون مرتب، كما تعرض القطاع المصرفي لنهب ودمار كبيرين، الأمر الذي سيؤخر عملية التعافي به، هذا إذا أضفنا أن البنوك السودانية، لم يكن لديها – أصلاً- الاحتياطات المالية الكافية، لمواجهة ما ستتعرض له من فقدان موجوداتها، وتدمير بنيتها التحتية.

* الصور المصاحبة من الإنترنيت 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى