المرافق الصحية في السودان، تعرضت للهجوم، أكثر من 540 مرة، وأصبح 80% منها خارج الخدمة فى مناطق النزاع
تدهور الوضع الإنساني فى السودان بلغ ذروته، وسيكون كارثيّاً أكثر إذا استمرّت الحرب
تقرير: ماجد القوني خاص (سودانس ريبورترس) …13 يوليو 2025
مؤسسات صحية، يرى مراقبون أن الصرف عليها قبل اندلاع حرب ١٥ أبريل، كان يتذيّل الميزانية العامة للدولة السودانية، ما أدى لتردّي الخدمات الصحية والعلاجية… شعارات ثورة ديسمبر ٢٠١٨، طالبت بمعالجة النظام الصحي، وضمان مجانيتة، وتوطين العلاج بالداخل، ولكن، انهيار البنى التحتية للمؤسسات الصحية، جعل الهجرة من أجل العلاج، تتصدّر مسببات الهجرة، وحتماً، لمن يملك فى هذه الحالة .
حرب الخامس عشر من أبريل هدمت ما تبقى من المؤسسات العلاجية والصحية في ٦٠٪ من الولايات السودانية، وتمّ نهب المخزون الاستراتيجي من الأدوية، والأجهزة الطبية، والمعاملن وتدمير البنى التحتية للمستشفيات وكليات الطب، وخلال عامين الحرب، تم تدمير محطات المياه، والكهرباء، والمرافق الصحية، وحرمان الملايين، من الحصول على مياه شرب آمنة.
انهيار النظام الصحي في السودان خلال عامين من الحرب، أدى لوفاة أكثر من ٦٠٪ من أصحاب الأمراض المزمنة، حسب تقارير طبية… منظمات دولية وصفت الوضع الإنساني في السودان بـالمأساوي، مقابل نقص حاد في الأغذية، والمياه الصالحة للاستخدام، وسط انتشار وتفشي الأمراض، مع غياب الرعاية الصحية.
المُتخصصة في شؤون السودان، ومستشارة رابطة إدارة الطوارئ في أفريقيا، شاينا لويس، في إحاطة لمجلس الأمن الدولي، أشارت إلى أن ما يصل إلى 80% من المرافق الصحية متوقفة عن العمل في مناطق النزاع بالسودان. وكشفت لويس عن تعرض المرافق الصحية للهجوم أكثر من 540 مرة… وحذّرت أن الكثيرين من الأطفال يعانون من عواقب العنف التي لا ينبغي لأي طفلٍ أن يتحملها أبدا… ونبهت إلى أن هذه الحرب، هي محاولة لتدمير الثورة السلمية،والديموقراطية، التي قادها الشباب السوداني.”المؤسسات الصحية في ولاية الخرطوم، تدمّرت بشكل كامل خلال الحرب، وحدث انهيار شبه كامل للمستشفيات”… هكذا بدأ اختصاصي الباطنية، بإحدى مستشفيات ولاية الخرطوم (م.ع.ط) – فضل حجب اسمه لظروف أمنية – مضيفاَ، الوضع الصحي في السودان كارثي حقّاً، حيث تسببت الحرب في تدمير البنية التحتية الصحية، وساهمت في تفشي الأمراض والأوبئة، خاصة في الأشهر الأخيرة، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، هناك أكثر من 59 ألف حالة إصابة بالكوليرا، و1500 حالة وفاة، منذ يوليو 2024… كما أن هناك تفشيّاً لمرض الحصبة، وسوء التغذية، مما أدّى إلى وفاة أكثر من 1200 طفل، يؤكّد اختصاصي الباطنية (م.ع.ط) أنّ غياب الخدمات وتراجع الأوضاع الاقتصادية يزيد من تردي الأوضاع الصحية، إضافة لتلوث المياه، ونقص الخدمات الصحية، وسوء التغذية المنتشر بشكل كبير، خاصة بين الأطفال، مما يزيد من خطر الوفاة بسبب الأمراض… ويضيف: الحرب أدت إلى تدمير العديد من المرافق الصحية، مما يجعل من الصعب تقديم الرعاية الصحية اللازمة.
الباحث الاجتماعي، والناڜط في قضايا النازحين بولاية شمال دارفور، عثمان عبدالرحمن، مضى إلى أن تردي الأوضاع الصحية، وثيق الصلة بحالات النزوح، واللجوء، بسبب الحرب… التقارير تشير إلى أن أكثر من 14.5 مليون شخص نزحوا من ديارهم، منهم 10.5 مليون داخليّاً وما يفوق الـ(6 ملايين) إلى الدول المجاورة، يعانون من ظروف صحية سيئة، ويحتاجون إلى رعاية صحية فورية، بسبب تفشّي الأمراض وسوء التغذية، أضف إلى ذلك، الفئة الأكثر تضرراً، وهم فئة العالقين في مناطق النزاع وخطوط النار، وهؤلاء الأسوأ تقديراً في حساب المخاطر، وفقد الرعاية، وتقديم المساعدة لهم.
ويمضي عبدالرحمن إلى أن حكومة السودان ببورتسودان، عاجزة عن توفير خدمات صحية في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، ومعظم الولايات خارج تغطية المساعدات الإنسانية، والعلاجية، ونعاني من نقص حاد في المؤسسات العلاجية، التي انهارت بسبب الحرب، إضافة إلى أن حكومة بورتسودان، تواجه تحديات كبيرة، في توفير الخدمات الصحية، بسبب تخصيص جزء كبير من ميزانيتها للإنفاق العسكري… قبل حرب ١٥ أبريل كانت حكومة السودان تخصص 70% من الإنفاق على الجيش والأمن، بالتالي لن نتوقع أن يكون هنالك صرف على خدمات الصحة، في ظل الحرب. الاحتياج العاجل – الآن – الإنفاق على القطاع الصحي، لتوفير الرعاية الصحية اللازمة، ودعم المنظمات الصحية لتقديم المساعدة الطبية واللوجستية، والأكثر أهمية، هو إحلال السلام، لإنهاء الحرب وتوفير الاستقرار.
“المجتمع الدولي، يواجه تحديات كبيرة، في الوفاء بالتزاماته، تجاه شعب السودان، بسبب نقص التمويل..” قالها ناشط في لجنة طوارئ الخرطوم، في تعليقه على توقُّف نشاط المنظمات العاملة في مجال العمل الانساني، ومضى قائلاً: الأزمة الإنسانية في السودان تُعتبر واحدة من أكبر الأزمات في العالم، حيث يعاني أكثر من 25 مليون شخص من نقص الغذاء والماء والرعاية الصحية. ويتمثل ذلك في تحديات رئيسية أبرزها نقص التمويل، خطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2025 تتطلب 4.2 مليار دولار، ولكن، حتى الآن، هناك نقص كبير في التمويل، كما أنّ تجميد التمويل الأمريكي، أثر بشكل كبير على الاستجابة الإنسانية في السودان، خاصة برامج حماية المرأة والطفل… وتوقف الدعم الذي كان يأتي عبر بعض المنظمات، لصعوبة الوصول بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية والقيود الأمنية أعاقت حركة المنظمات الإنسانية في تقديم المساعدة… ويضيف: الآثار المترتبة على كل ذلك هي زيادة معاناة المدنيين، ونقص الغذاء وغياب الرعاية الصحية تجاه الأطفال والنساء وأصحاب الأمراض المزمنة، أنتشار الأمراض وسوء التغذية وقلة الرعاية الصحية تزيد من الكوارث الصحية.
السودان، يواجه أزمة صحية حادة بسبب الحرب، حيث تدهورت الأوضاع الصحية بشكلٍ كبير، وقد حذّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تدهور الخدمات الصحية، في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مخيمات اللاجئين، ومعسكرات النازحين، وهناك، نقص حاد في الأدوية والموظفين والإمدادات الطبية، مما يعيق توفير الرعاية الصحية اللازمة. وقد حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” أكثر من مرّة، من تعرض أكثر من 33 مليون سوداني لخطر الإصابة بمرض الكوليرا، حيث تفشت أكبر موجات الكوليرا خلال شهر يونيو 2025 المنصرم، في ولاية الخرطوم، حيث أُبلغ عن 22 ألف حالة من جملة 32 ألف إصابة سُجلت في ولايات عديدة منذ بداية هذا العام… وذكر مكتب (أوتشا) أن ولايات دارفور تواصل تسجيل زيادة في حالات مشتبه بها بالكوليرا، حيث يحد استمرار النزاع وانعدام الأمن وتراجع الوصول الإنساني من عمليات التقييم وتقديم الخدمات.
تدهور الصحة في السودان بلغ ذروة نهايته في ظل الحرب، حيث الزيادة المضطردة في معدل الوفيات، بسبب نقص الرعاية الصحية والغذاء، وانعدام أدوية الأمراض المزمنة، وزيادة انتشار الأمراض، وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء… كل هذا وذاك، مؤشرات تشير إلى أن الوضع الصحي في السودان سيكون كارثيّاً أكثر، إذا استمرت الحرب.
*الصورة من الإنترنيت




