السودانتقاريرسلايدر

الكوليرا في السودان… خطر يهدد الحياة وسط صمت العالم

ناشطون وناشطات فى وسوم: #اتكلمو_عن_السودان و#السودان_لا_يمكنه_الانتظار

الكوليرا في السودان… خطر يهدد الحياة وسط صمت العالم

ناشطون وناشطات فى وسوم: #اتكلمو_عن_السودان و#السودان_لا_يمكنه_الانتظار

تقرير – حسيبة سليمان – خاص (سودانس ريبورترس) … 3 يوليو 2025

يعيش السودان هذه الأيام كارثة صحية جديدة، تكاد أن تصبح منسيّة، مع استمرار تفشي وباء الكوليرا في عدد من ولاياته، في وقت تقف فيه البلاد على حافة الانهيار الكامل، بفعل النزاع المسلح، وتدهور البنية التحتية. ورغم الجهود المستمرة لاحتواء المرض عبر حملات التطعيم، وتوفير مياه الشرب النقية، فإن حجم الخطر، لا يزال هائلاً، في ظل نقص حاد في الإمدادات الطبية، وغياب الخدمات الأساسية، عن معظم المناطق المنكوبة… ومع كل يوم يمر، يتسع شبح “وباء” الكوليرا، ليهدد حياة الآلاف، بل والمنطقة بأسرها، إذا لم يتم احتواؤه بشكل عاجلٍ وفعّال.

موجات متكررة وأزمات مستمرة

شهد السودان خلال العقود الماضية موجات متكررة من تفشي الكوليرا، كان أبرزها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ثم عادت بشكل متقطع في الألفية الجديدة. وغالباً ما ارتبطت هذه الموجات بتردّي البنى التحتية الصحية، ونقص مصادر المياه النظيفة، إلى جانب الأزمات السياسية والاقتصادية التي أعاقت سرعة الاستجابة ومنعت السيطرة على المرض.

ومنذ أغسطس 2024 ، وحتى منتصف عام 2025، سجل السودان آلاف الإصابات، ومئات الوفيات، نتيجة الكوليرا، مع انتشار الحالات في أكثر من 13 ولاية… وتفاقمت الأزمة مع استمرار النزاع المسلح، وانقطاع الكهرباء والمياه، ونقص الخدمات الصحية الأساسية، ما دفع السكان لاستخدام مصادر مياه ملوثة، زادت من حِدّة انتشار المرض.

جهود لا تكفي أمام الكارثة

على الرغم من الجهود المكثفة من السلطات الصحية المحلية والمنظمات الدولية – من حملات التطعيم باللقاح الفموي في الولايات المتضررة، وتوزيع الكلور ومستلزمات تنقية المياه، إلى إنشاء مراكز عزل وعلاج، بدعم من منظمة الصحة العالمية، واليونيسف – تبقى التحديات أكبر من الإمكانيات.

ورغم تسجيل انخفاض طفيف في معدل الوفيات خلال الأسابيع الأخيرة، إلّا أن استمرار تدهور القطاع الصحي، ونقص التمويل، يُعرّض حياة الملايين لخطر الإصابة، وسط مخاوف من انتقال العدوى، إلى دول الجوار مثل مصر وتشاد وليبيا، ما يهدد بحدوث أزمة صحية إقليمية كبرى، قد يصعب احتواؤها دون تدخل دولي عاجل وفعّال.

تسجيل إصابات جديدة وتحذيرات من توسع التفشي

وفي بيان رسمي صدر يوم الأحد 29 يونيو، أعلنت وزارة الصحة الاتحادية تسجيل 189 حالة إصابة مؤكدة بالكوليرا، في ولايات سنار، والنيل الأبيض، والنيل الأزرق، منذ الثالث والعشرين من يونيو المنصرم. وأوضحت الوزارة أن ولاية سنار سجلت العدد الأكبر من الإصابات حتى الآن، تليها النيل الأزرق، حيث تشهد المعسكرات تزايداً مستمراً للحالات وسط أوضاع صحيّة وإنسانية بالغة الهشاشة.

وقال د. منتصر محمد عثمان، مدير إدارة الطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة، إن الفرق الطبية تواجه تحديات كبيرة نتيجة ازدحام معسكرات الإيواء ونقص الإمدادات، مشيراً إلى تفعيل غرف الطوارئ الصحية، وفرق الاستجابة السريعة، وتوفير المحاليل الوريدية، والإمدادات الطبية الأخرى، تحسباً لازدياد عدد الحالات القادمة من جنوب السودان.

أوضاع كارثية في معسكرات النزوح

وفي ولاية النيل الأبيض، يجري التنسيق بين السودان، وجنوب السودان، عبر معبر (جودة) الحدودي، حيث أُنشئ مركز عزل طبي لمتابعة القادمين، وتحويل الحالات المشتبه بها، إلى مستشفى جودة. وتم حتى الآن علاج وتنويم أكثر من 70 مصاباً بالكوليرا، بالتنسيق بين البلدين، مع استمرار حملات التطعيم الدورية.

إلا أن مصادر طبية مطلعة تحدثت لـــ(سودانس ريبورترس) وصفت الأوضاع في بعض معسكرات الإيواء بالنيل الأزرق بـ«الهشة للغاية»، حيث تنعدم خدمات المياه، والصرف الصحي، والنظافة العامة، مما يُنذر بتوسُّع رقعة الإصابات سريعاً، إذا لم تتم معالجة الوضع فوراً.

أطباء بلا حدود: الوضع يخرج عن السيطرة

وأكد د. منتصر وصول فرق (منظمة أطباء بلا حدود) للعمل داخل مراكز العزل بالولايات المتأثرة، بينما حذرت منظمات طبية دولية، من أن استمرار تدفق العائدين دون استكمال تطعيمهم، أو تحسين بيئة المعسكرات، قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابات والوفيات خلال الأسابيع المقبلة.

وفي تقرير لوكالة (أسوشيتد برس)، تم الإبلاغ عن وفاة أكثر من 172 شخصاً وإصابة ما يزيد عن 2500 شخص بالكوليرا، خلال أسبوع واحد فقط، في مناطق تشمل الخرطوم، وأم درمان، وشمال كردفان، وسنار، والجزيرة، والنيل الأبيض، ونهر النيل. وترجع أسباب التفشِّي إلى تلوُّث المياه والطعام، وعودة النازحين إلى مناطق النزاع، دون توفر أدنى مقومات النظافة والصحة.

دارفور تدخل دائرة الوباء

للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع، ظهرت إصابات مؤكدة بالكوليرا في دارفور، لا سيما جنوب دارفور، حيث سجل مستشفى نيالا التعليمي وحده 250 حالة منذ 27 مايو. وقالت د. أديبة إبراهيم السيد، اختصاصية الباطنية وأمراض الأوبئة وعضو اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان لــ(سودانس ريبورترس)، “إن الوضع مقلق للغاية في ظل الافتقار إلى خدمات الصرف الصحي ومياه الشرب النظيفة، وصعوبة وصول المغذيات، وقلّة الكوادر الطبية بسبب غياب الطرق الآمنة”.

وأشارت إلى أن فرق (أطباء بلا حدود) تدعم مراكز علاج الكوليرا، في نيالا والجنينة، لكنها، عادت ودعت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى التحرك العاجل، وحشد التمويل والإمدادات، ونشر المزيد من الكوادر الصحية لإنقاذ الأرواح، خاصة في جنوب دارفور، الولاية الأكثر تضرراً.

أصوات تناشد العالم: السودان لا يمكنه الانتظار

وسط هذا المشهد القاتم، أطلق ناشطون وناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي وسوم (#اتكلمو_عن_السودان و#السودان_لا_يمكنه_الانتظار)، في محاولة نابهة لجذب انتباه العالم، إلى كارثة الكوليرا، في وقت يقف فيه النظام الصحي السوداني على شفا الانهيار، مع غياب أي مؤشرات لانتهاء النزاع، الذي بات يهدد بقاء ملايين الأبرياء على قيد الحياة.

*الصور من الإنترنيت 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى