حرية التعبير في مواجهة ثورة الذكاء الاصطناعي … ماذا عن واقع الإعلام السوداني؟
3 مايو – اليوم العالمي لحرية الصحافة: “التغطية الصحفية فى عالمنا الجديد: تأثير الذكاء الاصطناعي على حرية الصحافة والإعلام”
صحفى سودانى: الذكاء الاصطناعى بات ضرورة مع أهمية المراجعة والتدقيق
تقرير: مديحه عبدالله – خاص (سودانس ريبورترس) – 30 أبريل 2025
تزايد الإهتمام بالذكاء الاصطناعي والاستفادة منه فى مختلف مجالات الحياة .. الإعلام أحد أهم الميادين التى تستفيد من التطور التقني بشكلٍ سريع، لمواكبة الاحداث، بل، وصناعتها … وجاء شعار العام 2025 للاحتفاء باليوم العالمى لحرية الصحافة (تأثير الذكاء الاصطناعي على حرية الصحافة والإعلام) مما يدل على الإهتمام الأُممي به، وبتاثيره على الإعلام، لكن، ماذا عن وضع الإعلام السوداني؟!… ولأىّ مدى يملك قدرة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، مع المصاعب التى يتعرض لها بسبب الحرب ؟ … فى هذا التقرير، محاولة لعرض وجهات نظر متنوعة، حول الموضوع …
صحفى سودانى: الذكاء الاصطناعى بات ضرورة مع أهمية المراجعة والتدقيق
ما هو الذكاء الاصطناعي:
هو تقنية ذات قدرات حل تشبه قدرات الإنسان فى حل المشكلات، ويبدو أنّ الذكاء الاصطناعى يُحاكى فى العمل، الذكاء البشري، حيث يُمكنه التعرُّف على الصور، وكتابة القصائد، وإجراء تنبوءات قائمة على البيانات Amazon Web Services (AWS)حسب موقع
المُلفِت أن الذكاء الاصطناعي يعود تاريخه لخمسينيات القرن الماضى، ففى العام 1950، طرح آلان ماتيسون تورنغ، وهو عالِم رياضيات وحاسوب، وعالم منطق، فضلاً عن كونهِ محلِّل شفرات وفيلسوف وعالِم أحياء رياضي… طرح فى بحثه المنشور عام 1950، بعنوان (آلات الحوسبة والذكاء)، سؤال ما إذا كانت الآلات تستطيع التفكير؟… وصاغ لأول مرّة مُصطلح (الذكاء الاصطناعي) وعرضه كمفهوم نظري وفلسفي، ومع ذلك، فأِنّ الذكاء الاصطناعي، كما نعرفه اليوم، هو نتيجة الجهد الجماعى، للعديد من العلماء والمهندسين، على مدى عدة عقود .
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُساعد في دعم حرية التعبير، من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات،
وفي الوقت نفسه، يحمل مخاطر جديدة… إذ يُمكن استخدامه لنشر معلومات كاذبة أو مُضللة، وزيادة خطاب الكراهية على الإنترنت، ودعم أنواع جديدة من الرقابة… ومن هنا برزت فكرة (الميثاق الرقمى العالمى) فى الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة، وهو بمثابة إطار عمل عالمي، للتغلب على الفجوات الرقمية، والبيانات، بغرض تحقيق مُستقبل رقمى مُستقل، يتمحور حول حقوق الإنسان، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الصحفيون السودانيون … واقع ما بعد حرب أبريل
بينما يتطلع الصحفيون والصحفيات حول العالم للاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتطوير عملهم، يُواجه الصحفيون والصحفيات فى السودان، مخاطر الموت والتهديد بالقتل والاحتجاز من أطراف الحرب، فقد كشف تقرير لـ(مراسلون بلا حدود) 14/4/2025، أنّ مايزيد عن (400) صحفي فرُّوا إلى الدول المجاورة، بينما قتلت مختلف الاطراف المتحاربة سبعة فاعلين إعلاميين على الأقل، وتم احتجاز ما لايقل عن (17) آخرين، بسبب طبيعة عملهم، وأصبحت وسائل الإعلام السودانية، فى المنفى لا تقل عن عشرة، معظمها مواقع إخبارية، وفى مصر الحليفة للجيش السودانى تعرّضت مواقع إخبارية لضغوط وتهديد بالإغلاق، و ترحيل الصحفيين، لأسباب تتعلق بالمحتوى الاعلامى.
الذكاء الاصناعي .. كيف نحافظ على المهنية؟
صحفى سودانى آثر عدم الكشف عن إسمه لاسباب تتعلق بالحماية، ومهتم بالذكاء الاصطناعي شدّد على أهمية الاستفادة منه رغم كل تلك الظروف، وقال لـ(سودانس ريبورترس): إننا نستفيد من الذكاء الاصطناعى فى عملنا الصحفي، وأتمنى أن يتم تعميم الفكرة، فى المؤسسات الصحفية السودانية، لفوائده العديدة، رغم وجود بعض المحاذير، حيث ساعدنا فى المؤسسة الإعلامية، التى أعمل بها، على جمع المعلومات والبيانات والمصادر بسرعة، وبنسبه كبيرة، تكاد تكون دقيقة، لأنه يجمع المعلومات المنشورة، وبعض الجهات، أصبحت تستخدمه، لكتابة تقارير الأخبار، مع المراجعة، لأنّ الذكاء الاصطناعي، لايُقدِّم المادة مكتملة، من كافّة النواحي، كما بتنا نستخدمه فى تحويل التقارير، إلى مُلخّصات مُختصرة، وإلى “بودكاست”، ويتيح إمكانية المُداخلات داخل “البودكاست”.
واستدرك قائلاً: لكن، واحد من مشاكل الذكاء الاصطناعي، أنّ برامجه باللغة الانجليزية، إلّا أننا نستفيد منه فى الترجمة، لتحويل المواد الإعلامية إلى اللغة الانجليزية، وهو أفضل من برامج الترجمة الأُخرى، وأيضاً، يمكن إدخال الترجمة، لعمل “بودكاست”، كما أنّه يُعد مُلخّصات تصلح للنش، وبذلك، يُمكننا أن نصل للجمهور العالمي، ونحن فى حاجة لذلك، ليعرف العالم، ما يحدُث فى السودان بسبب الحرب، لأنّ صحافتنا، مازالت محليِّة، إضافةً إلى حاجز اللغة.
وأضاف: كما يمكن استخدامه، فى تحليل الجمهور، لزيادة نسبة التفاعل والمشاهدة، وتحسين جودة المادة الصحفية، وتصحيح الأخطاء، ويساعد فى تفادى الأخبار الزائفة، والمعلومات المضللة، وبالذات، الدعاية السائدة بعد الحرب، وبذلك يُسهِّل أمام الصحفيين التأكُّد من المعلومات، والأخبار، إضافة إلى استخدامه، فى الصحافة الاستقصائية.
وقال: قطعاً، هناك محاذير لا بُدّ أن نضعها فى الحسبان، أنّ استخدام الاصظناعي يمكن أن يُوفِّر محتوىً غير عادل، أو مُنحاز، أو يمكنه تجميع مواد تجعل الصحفيين، يسيرون فى اتجاه الانحياز لجهات مُعيّنة، وأحياناً يكون هناك نقص فى المصداقية، والشفافية، مما يجعل المحتوى بعيداً عن الصحفي أو الصحفية، وبالتالى لايمكن نسبته للصحفى/الصحفية، وأحياناً تكون هناك معلومات مغلوطة، مما يُعرض الصحفيين لخطر نشر أخبار كاذبة أو غير مُحقّق من مصداقيتها، فالذكاء الاصطناعي، مهمته أن يعطى الإنسان المادة الأولية، لذلك، المراجعة والتدقيق، أمر مهم من قبل الصحفيين والصحفيات، أيضاً، هناك موضوع الخصوصية، أحياناً الذكاء الاصطناعي يخترق بعض الخصوصيات، فى وسائل التواصل الاجتماعى، ولكنه، يمكن أن يساعد كثيراً المؤسسات الصحفية فى ظل الظروف المالية السائدة، وذلك بتقليل نفقات الإنتاج الإعلامي، ويختصر الزمن.
وفى إجابة على سؤال (سودانس ريبورترس) حول كيفية التعامل مع المحاذير فى تجربة العمل بالذكاء الاصطناعي للحفاظ على المهنية الإعلامية ؟ قال: تجاوزنا المحاذير بأمرين، أولاً التدقيق التام فى المعلومات، وثانيا الاشارة إلى أنّ المصدر هو الذكاء الاصطناعى، حتى فى الصور والفيديوهات والصوت والدراسات، ولا نشير إليه مثلاً عندما نُريد أن نُعِد بحثاً، بطلب معلومات عن أشياء مُحددة، إذ لا نكتب فى التقرير النهائي، أننا حصلنا على المعلومات بواسطة الذكاء الاصطناعي، لكننا نقوم بالتدقيق تفادياً لأىّ أخبار غير صحيحة، كما نستعين به، فى كتابة النص المكتوب الذى يتضمن التصوُّر أو السيناريو، وكتابة المُخططات للتقارير، مع التدقيق الكامل لكل المواد.
*الصورة المصاحبة مأخوذة من الإنترنيت