إلي عثمان حميدة في ذكراه العطرة
إلي عثمان حميدة في ذكراه العطرة
محمد بدوى
علي الشاطي المتعرج علي حواف الإسترخاء سند المرسي راسه بكفيه ثم غفي في تلك الظهيرة التي لا تزال خطوط حنينها تمارس طقس الوداع لفصل الهطول بامطار (رِشاش) بعد منتصف اللليل و حينا قبل إنبلاج الشعاع تبلل بها مناديل الارض بعطر العشق ، أستغرقه الحلم حين حملت اليه (الندّاوة) اسماك ملونة في أوان (عيد الميلاد ) ، تبلل جبينها بذرات العرق إرتقاء درجة الحرارة حد قامتها الاستوائية ليعلن المؤشر عن بلوغها ال 27 (درجة أبنوسية فارعة) ، علي المياه الساكنة رست أربعة مراكب كشفت عن مهارة في حرفة صناعتها فكانها عمدت الي إلباسها من الاناقة ما يليق ب (منابع نهر النيل ) ، مدت (أميرة النيل ) ودها مسكونا بهمس الطرفة الي أن إقتربت من ( الهادي ) ، (الظل الخفيف ) و (الأسمر بن النهر ) قاب الوشوشة أو بقدر ما يسمح لمفاصل الضحك أن تمد حبالها الصوتية في بهجة ، عانقتها صفحة الماء في غنج ..
صعد الجميع علي ظهر المركب فدفع ابن السادسة عشر إيمانويل ( السايس ) به ليستوي متهاديا قبل أن يعلن محركة (أزيز) حيويا ، رسم مساره ضفائراً علي جبين الماء ، نظر( عثمان) نحو معصمه الذي لم يكن علي ودٍ مع إلتصاص الاشياء به لكن حرص الوصول في الميعاد الذي قطعه (لنهر النيل) جعله يسمح ان تلامسه ساعه تحول وجهالة الوقت اشارت عقاربها الي الواحدة ظهراً ، سرح عثمان مسترجعاً أن (ماسكا) المدينة التي تناصف موقعها ( خط الاستواء) الذي يفصل الكرة الارضية شمالا وجنوبا فاهو بعد ان و طأت رجلاه القطبين عند تلك النقطة يمضي نحو ميعاد يحمل من التاريخ طولة البال و القدرة . .
قطع (الأسمر بن النهر) المسافة بين الشط و الجزيرة الرابطه في قلب الماء في خمس دقائق أو أقل قليلا ، بادر (إيمانويل) بالهبوط ممسكاً بالحبل قبل ان يدفع المركب ليعانق مرسي تلك البقعة من اليابسة لم تتعدي مساحتها الستمائة متراً مربعا ، هبط الجميع و (عثمان) الذي دفع ببصره نحو البقعة التي استقرت كقعد يتدلي علي صدر صبية في زهور التاسعة عشر ، هز رأسه فكشفت ابتسامته عن رغبة صوفي في العبورالي الجانب الاخر ، فسار مجتازاً ثلاثة محال تجارية شيدت من الطوب و البوص ، تزيأت أبوابها بعرض مشغولات يدوية من التي شيرتات التي إرتسمت علي أعلاها عبارات بالسواحيلية ( كاريبو) ، أقراط و منحوتات ، قبعات توشحت باشكال لحيوانات استوائية ، فذاك الفيل يرفع خرطومة شاركته زرافة بمد رأسها نحو الإعلي كانها تستجلي أمر ما ، أما الأسد سمبا فقد ظل ساكنا كأنه أدرك أن قادميه قد لا يلتفتون لابتسامة الاستقبال فالفزع هو الحظ العاثر الذي التصق به .
سارع نحو (نقطة الصفر) الذي يعانق فيه منابع نهر النيل بحيرة فيكتوريا في قبلة ابدية ، وقف مزهواً من عيون الماء التي يغازل رزازها في رفق صخور رمادية وهي تلقي بتحية الوداع لثغر الاميرة ( بحيرة فكتوريا ) قبل انزلاقعا نحو مخدات مسار ها بمجري نهر النيل ، أبتسم فهاهو يقف ملتصقا يالمنابع الخالدة التي منها ينطلق النهر فتيا ليهدي الضفتين الق النضارة و سحر الحياه في رحلته نحو الابيض المتوسط فارع الترحاب ، لوح بكلتا كفيه مودعا و لسانه يدفع بامنيات ( صنو القدرة ) لكي يعبر في يسر محطتة الاولي (شلال بوجقالي ) او كما اسماها (سند القدرة ) ، صدق الرجاء حين ارتفعت المياه عند وصولها الشلال فتشابكت كفيونكة علي ضفائر الموج متحدية ذاك السد الرابط بان قدرتها علي الرقص لا تزال كاملة الدسامة ، من حافة النهر صدحت الصخور المتكينة علي مسار الجدول و جوانبه بشدو كرنفالي فابتسم النهر حين التصقت (الحريرة بيده ) فرفعها ليرد علي ذاك الشبال ، أنحني النيل نحو عثمان هامساً قبل ان يعبر ، مد يده نحو تلك الزخات التي داعبت وجه ، بلل منها طرف سبابته ليخط علي ساعده اسم (نايل) .
مضي عثمان حافراً في الذاكرة لقاء منحه شهادة ميلاد لنتسب الي عائلة النهر ابن اسمر السحنة هوي وهوية ، افاض راسماً ابتسامة زهو ، في تلك اللحظة سارعت الامواج تدفع بسر اللقاء الي حيرة فكتوريا التي ظلت تلح عليه ليكشف عن سر الغبطة التي سرت في عروقه حين التزم الصمت النبيل ، الشاطي الذي تسلل الي مسامه الابتهاج افشي السريرة الي (فكتوريا) في ثرثرة بريئة ليمضي الحال وقبل أن تسلم الشمس مفاتيح الغروب اطلت بكامل اناقتها لتضع ورتدين علي قبر عثمان ذاك الابن الذي رحل تاركا ابتسامتة تذكارا عند منبع النيل
محمد بدوى