الرأي

الهروب من الإلتزامات الدولية بعباءة الدين : إقرار حقوق النساء المتساوية يقلق البعض

الهروب من الإلتزامات الدولية بعباءة الدين :

إقرار حقوق النساء المتساوية يقلق البعض

لمياء الجيلى

يا نساء السودان .. ونساء الوطن العربى .. رابطة علماء المسلمين بالوطن العربى ضد أن تكون لكن شخصية مستقلة وأن تكون المرأة حرة فى اختيار زوجهه ، بل ترى أن المرأة  غير قادرة على إدارة ميراثها فلذا لا تستحق التساوى فى الميراث وغيره من الحقوق كحق العمل والزواج والطلاق والصحة والتعليم ..فقد ورد فى عدد من الصحف المحلية الصادرة يوم الأحد السابع عشر من أبريل 2016 مطالبة الرابطة  (رابطة علماء المسلمين بالوطن العربى ) الحكومة السودانية بعدم المصادقة على سيداو . ونقتبس فى هذا الحديث ما جاء فى صحيفة أخر لحظة الصادرة فى نفس التاريخ “طالبت رابطة علماء المسلمين بالوطن العربي الحكومة بعدم التوقيع على إتفاقية ” سيداو” بإعتبارها تستند إلى قوانين غير شرعية، وقال الأمين العام للرابطة (وفقاً للصحيفة)إن الاتفاقية ستكون بديلاً لقانون الأحوال الشخصية في جانبي الدين والقانون “وهذا لا يجوز ” ، وقطع الحاج بأنه في حال تم التوقيع على الاتفاقية فإن الأمر سيؤدي إلى انفلات عقدي وأخلاقي في المجتمع، معدداً مساوئ الاتفاقية المتمثلة في تزويج المرأة لنفسها بدون ولي، ومنع تعدد الزوجات بجانب المساواة في المواريث.”

رابطة علماء المسلمين بالوطن العربى تطالب الحكومة السودانية بعدم المصادقة على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة مع العلم أن كل الدول العربية والإسلامية مصادقة على هذه الاتفاقية ومنذ تسعينات القرن الماضى أو بداية الألفينات وأن ثلاث دول فقط من دول العالم لم تصادق على هذه الاتفاقية من ضمنها السودان.. ومع العلم أن حكومة السودان فى العام 2011 ولدى تقديم تقريرها الدورى الشامل ، لمجلس حقوق الإنسان بجنيف ألتزمت و(بصمت بالعشرة) أنها ستوقع على هذه الاتفاقية .. ولأن موعد الحساب والمراجعة الثانية سيحين بعد أقل من ثلاث أسابيع بدأ الهمس والحديث الخجول حول المصادقة على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) حتى لا تثير حفيظة مناهضى حقوق النساء ومساواتهن ، ومع العلم السودان أن السودان ومنذ العام 2009 صادق على البروتوكول الأفريقى لحقوق المرأة الملحق بالميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان والشعوب دون أن تعلن هذا الأمر لنساء السودان ، ودون أن تبشرهن بحرص الدولة  على الحقوق المتساوية للنساء وحماية وصيانة كرامتهن المهدرة بسبب التمييز .. بل لم يتم تعديل القوانين لتتماشى وتتوائم مع التزامات السودان الإقليمية بما فيها البروتوكول الأفريقيى لحقوق المرأة..فمن الحقوق التى وردت فى البروتوكول الأفريقى حقوق الارملة ، الحق في الاختيار في الزواج  وتحديد سن الزواج الادنى  ب(18)عاما، والحق في الميراث ، وحقوق الطلاق عبر القضاء ، والحق في المشاركة السياسية واتخاذ القرار ، والحق في التعليم والثقافة ، وحماية المرأة الفقيرة وراعية الاسرة  ، وحقوق الحامل والمرضع ، وحقوق المرأة المسنة  ، وحقوق تفصيلية حول الصحة الانجابية ، وحقوق المرأة في العمل وحقوقها في مكان العمل ، وحقوقها في التعليم والتدريب ، وحقوقها في مناطق النزاعات ،حقوقها المتساوية امام القانون ، والحماية من العنف ، والحقوق الصحية  والطبية ، والحق فى احتفاظها باسم عائلتها أو عائلة زوجها اختيارا، وكذلك جنسيتها أو جنسية زوجها ، وحقها فى التمتع بملكيتها الخاصة ، وتقدير القيمة الاقتصادية لعمل المنزل ، وحقها المتساوى فى تقرير انجابها للاطفال وتحديد فترات الانجاب ، والحق فى الحماية من الامراض المعدية والمتعدية  ، والحقوق المتعادلة مع الزوج فى تنشئة الابناء. غالبية هذه الحقوق يتم انتهاكها بشكل يومى على الرغم من التزام الحكومة السودانية بانفاذها عقب مصادقتها على البروتوكول الخاص بحقوق المرأة ..كما لم يتم وضع السياسات والخطط والبرامج لانفاذ هذا البروتوكول وإنزاله لأرض الواقع لتتمتع المرأة السودانية بما كفله لها من حقوق إنسانية تساهم فى تطورها وتنمية قدراتها وبالتالى تنمية المجتمع وتطره.

لماذا فى هذا التوقيت بالذات  تتكرم رابطة علماء المسلمين فى العالم العربى بمطالبتها للحكومة السودانية بعدم المصادقة على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة(سيداو) .. وترى أنها تتعارض مع الدين ولم تتخذ موقف مماثل لدى مصادقة دول مثل المملكة العربية السعودية على سيداو.. هل جاءت هذه المطالبة من منطلق دينى أم محاولة لإخراج الحكومة من حرج المسألة الدولية ومن عدم إيفائها بالتزاماتها السابقة؟ وهل تعلم هذه الرابطة بمصادقة السودان على البروتوكل الأفريقى لحقوق المرأة قبل عدة سنوات .. مع العلم أن الفارق بين الوثيقتين ليس كبير بل راعت الوثيقة الإقليمية خصوصية أوضاع النساء فى القارة الأفريقية نتيجة للصراعات المسلحة .. تناول البروتوكول الأفريقى لحقوق المرأة  خصوصية وضع المرأة فى القارة الأفريقية وما تتعرض له من ظروف جراء النزاعات والحروب ، فأكد على حق المرأة فى السلم وحمايتها فى ظل النزاعات المسلحة والحروب.. كما تضمنت الوثيقة افصيل واضح للحقوق المحجوبة عن المرأة،  و الانتهاكات التي تقع عليها‘ وكذلك خاطب هذا البروتكول بعض الاوضاع المفارقة التي تواجهها المرأة الافريقية فاقرت الحق في الاجهاض ،  خاصة اذا كان الحمل ناشئا عن الاغتصاب أو التعدي الجنسي أو زنا المحارم-سفاح القربى ، وعلى حماية المرأة من الاستباحة والاستغلال في الاعلان  و في الافلام الاباحية.

والبروتوكول الذى تم اعتماده بعد ثلاثة وعشرين عاما من اعتماد سيداو يتلاقى ويتشابه معها .وفقاً لدراسة مقارنة اعدها دوركاس كوكر(Darcus Coker) حول العلاقة بين سيداو ( اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة ) والبرتوكول الافريقي لحقوق المرأة  والذى جاء   تتويجا لثماني سنوات من التداول والمدارسة  باشراف المفوضية الافريقية لحقوق الانسان، وبمشاركة شبكة حقوق المرأة الافريقية وبعض المنظمات الطوعية  وبدعم نشط من البرنامج الافريقي للمفوضية العالمية للحقوقيين. وفقا لهذه الدراسة ان نقاط الاختلاف هي اشبة بتقوية وتوضيح العموميات، علاوة على  الاضافة الحصيفة المتقدمة التى لا تخلو من جرأة للمجالات والاهتمامات الخاصة بالمرأة الافريقية.  حيث هناك  عدة اضافات في البرتوكول في وجهة السياق الافريقي، وهي الواردة في :الحق في السلام، والحقوق في حالة النزاع، وحقوق الارامل والميراث وحقوق النساء المعاقات ….الخ  اما الاليات في الرقابة والانفاذ فهي اضعف في البروتوكول الافريقي منها في سيداو” رغم وجود المقرر الخاص بحقوق المرأة ” . ويبدو أن ضعف آليات رقابة انفاذ البروتوكول  شجع الحكومة السودانية على المصادقة عليه  والتردد والتأخر فى الموافقة على توصيات تلقتها من عدة دول حريصة على حقوق النساء المتساوية فقبلت والتزمت بالمصادقة على الاتفاقية ولم تنفذ التزامها  إلى الأن وبعد مرور خمس سنوات على هذا الإلتزام.

لمياء الجيلى

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى