الرأي

محمود عبدالعزيز…شعلة حب حصنت الذاكرة من هتافات الموت (سمبلة )

محمود عبدالعزيز…شعلةحب حصنت الذاكرة من هتافات الموت (سمبلة )

 *محمد بدوى

منتصف التسعينات   كانت بداية عهدي بالدراسة الجامعة بجامعة النيلين   التي  تمت سودنتها  بإزاحة  لافته  جامعة القاهرة  فرع الخرطوم  فيما بقي  جوهر الحال  كما هو  ، فمدرجات كلية القانون كانت  تحمل أسماءها التي منحت  لها منذ المليلاد فذاك حسين فهمي ، عسكر ، عدوي و عبدالغني   ، المكتبة  لا تزال  أرففها تحتضن أمهات الكتب والمراجع  لفقهاء القانون  ،  حينها  بدأ شفق علاقتي بمحمود عبدالعزيز  ، كانت حفلاته  تتوزع بين نادي  ضباط القوات المسلحة و كلية التقانة الجامعية اّنذاك  ،  إلي محراب شدوه  كان   القصد إختياراً مسور ببهجة الإمتاح الذي يلامس  شغفه أوتاراً  من  الوله و حب  الحياة في  تناصها المشدود علي أوتار حباله الصوتيه ،  سكت الرباب  مثلت  ألق لإنيات والإدء   الذي ظل يدفع لرهان أكبر  عليه ، فقد  شكلت نقله في الأداء و التلحين لم يسبق لأي من مجايليه  من المطربين و الفنانيين أداءا في ذاك الزمن  ، لماتنا الحيمة التي تجمعنا كأصداء جمعت بهم درجات الدراسةة من مختلف أنحاء السودان ظلت تتخلها مقاطع من تلك الأغنية بأدائها الهارموني الذي كشف جمال سكون ايقاع البيز جيتار مع صوت محمود فتشكلت علامة يعني ترديدها بأن المزاج رايق ( حد الإلفة)

علي ساحة كلية القانون  التي كانت تربط بينها و الأداب  منفذ  تحت عريشة  النشاط الطلابي التي  تدلي من علي سقفها   لافتتات تشير إلي الجمعيات القانونية  و الروابط الجغرافية لم يكن حينها قد إنتشر داء  الروابط الإثنية بعد فالزمان  كان  ينهض في  مسار المقاومة لتلك المحن…  كان شدو محمود  ينبعث  من كافتريات الجامعة  ليجسر  خطونا  الإقبال علي الحياه  بقلوب  عامرة  بالأمنيات التي  تتفق أو تتباين  وفقاً  لإلتقاء كلمات الأغنية و طلاوة أدائها مع ما  نستره  سراً في الفواد ،  دفعنا محمود  للحرص علي حضور حفلاته..  لم نكن ندرك إنها كانت ترياق  باعدت بينا و المسالك الوعرة التي مشاها  زملاء الدراسة  مدفوعين  بتديين الحرب الإهلية  في جنوب الوطن  لكي  يسقط العديدين  منهم  و  الخرطوم  تجبر ذويهم  ، أصدقاءهم و كل من  عرفهم علي كبت مظاهر الحزن  و الإجبار  علي المشاركة في مراسم (عرس الشهيد)  ، فعل محمود   لأنه لم يكن مجرد  فنان  بل كان  مشروع  بلغ ذروة توهجه  في توقيت كان  أهل الإسلام السياسي   يدسون  السم في الدسم و يقللون من  قيمة الحياة  فيهزئون  من أولئك الذين يعملون أناملهم علي الجيتارات بأنها (قلة شغلة)   فيدفعون شباب ( غض الإهاب)   لتستقبل أجسادهم  سم البارود  .

سيرة محمود عبدالعزيز تجسد   بل هي (عرض حال) لما فعله  الإسلاميون السودانيين  بالمواطن والوطن ،  فقد ألهبت ظهره السياط  بلا رحمة ،  دفع به  في إختبارات التدجين  ليستغل حباله الصوتية   في الحملات السياسية للإنتخابات حيناً  و حينا يدفع به نحو قنوات الإنشاد و المديح  ، محمود صورة للإستغلال البشع للإنسان  السوداني  .

شكل محمود مقاومة  كبيرة لمشروع الإسلام السياسي  بأن،  حصن ذاكرة جيلنا من  أن يصاب ببلوثات هتافات  الموت (سمبلة)  ،  بل سلك منافذ الروح لتنتح مقلتيها نحو الجمال و الحب  ،  أعاد روح المتعة  حين  يأخذك الحظ أن تنصت لغناء في وسط ( شله)   فتختلط إنفعالات التطريب  لتنتج فعلا درامي اَخر  غائص حد الوحل في  إنفعالات إنسانية صادقة  تجعلك تتأمل كم جميل أن  تتشابك  تلك الإحاسيس لتخرج كلوحة ( أو تلوين) زاهي  و معطر  بالبهجة .

هزيمة مشروع محمود  عبدالعزيز   لمشروع الإسلام السياسي  يمكن رؤيته  في أجلي صوره  فقد ظل سرداق عزائه بمدينة  (جوبا)  بدولة جنوب السودان لمدة ثلاثة أيام  ،  حدث هذا بعد أن فصل الإسلاميون السودانيون الوطن (شمالاً و جنوباً)  ، مضي محمود  و ما تركه  محمود  فينا  شعلة وعي   و ذاكرة  حب  و  ووجدان  مسور  بالجميل.

محمد بدوى 

آثرت التريث عن نشرالمقال بالأمس لأن الكتابة عنه يجدر بها أن تظل إحتفاءاً مستمراً، لكوننا أكثرحوجة لتحصين وجداناتنا بما يجنّبها (وجع القلب ) الذي صارالإفلات عنه يحتاج منّا لدبارة فعل الإحتراف في واقع تكاثرت وتكاملت فيه المحن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى